في عام 2025، أعلنت مجموعة DHL عن التزام جريء بقيمة 570 مليون دولار لتوسيع عملياتها في الشرق الأوسط بحلول عام 2030. هذا التحرك لا يقتصر على توسيع البنية التحتية فحسب، بل هو إشارة واضحة إلى أن DHL ترى الخليج كمركز لوجستي عالمي مستقبلي. توسعة DHL في الشرق الأوسط هي استجابة استراتيجية للطلب المتزايد ورهان على الزخم الاقتصادي طويل الأمد في المنطقة.
وجاء هذا الإعلان بعد نمو غير مسبوق في التجارة البينية لدول مجلس التعاون الخليجي، والتي تجاوزت 140 مليار دولار في 2024 بزيادة سنوية بلغت 12%، وفقاً لتقارير المجلس.
DHL تدعم صعود الشرق الأوسط كمركز تجاري عالمي
ما الذي يدفع إلى هذا الاستثمار الضخم؟ الجواب ببساطة: الفرصة. الخليج لم يعد مجرد طريق عبور تجاري، بل أصبح محوراً رئيسياً في سلاسل الإمداد العالمية بفضل الإصلاحات الحكومية، وزيادة القوة الشرائية، والموقع الجغرافي الذي يربط بين ثلاث قارات.
وقد عبّر عمادو ديالو، الرئيس التنفيذي لشركة DHL Global Forwarding لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، عن ذلك قائلاً: "هذا التوسع يدور حول مواكبة حركة التجارة. الشرق الأوسط لم يعد مجرد مفترق طرق، بل أصبح وجهة بحد ذاته."
تفتح الحكومات في السعودية والإمارات قطاعات جديدة مثل الصناعة، والتجارة الإلكترونية، والطاقة النظيفة، مما يعني فرصاً جديدة لشركات الخدمات اللوجستية مثل DHL لتقديم حلول أسرع وأكثر ذكاءً واستدامة.
وبحسب وزارة الاقتصاد الإماراتية، ساهم قطاع الخدمات اللوجستية بأكثر من 29 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024، فيما تهدف الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية في السعودية إلى مضاعفة مساهمة القطاع في الناتج المحلي بحلول 2030، مما يجعل استثمار DHL ذا توقيت مثالي.
داخل الاستثمار: مراكز ذكية وأنظمة سلسة
يغطي استثمار DHL البالغ 570 مليون دولار وحداتها الأربع، مع التركيز على بناء القدرات في المواقع المحورية:
-
DHL Express: تحديث مرافق الشحن الجوي في جدة ودبي، وزيادة الرحلات الجوية المباشرة وتسهيل أنظمة الجمارك.
-
DHL Global Forwarding: افتتاح مكاتب شحن في الممرات التجارية الرئيسية وإدخال شاحنات كهربائية. ومن أبرز الشراكات: التعاون مع قطار الاتحاد لتوفير شحن بري عابر للحدود.
-
DHL Supply Chain: إنشاء مخازن عالية التقنية في الرياض ودبي مزودة بأنظمة فرز ذكية وطاقة شمسية.
-
DHL eCommerce: تعزيز خدمات التوصيل عبر الاستحواذ على شركة AJEX للوصول إلى مدن سعودية غير مخدومة.
في دبي، تدير DHL مركزاً آلياً يعمل بالطاقة الشمسية في منطقة EZDubai، يعالج آلاف الطرود يومياً بحد أدنى من التدخل البشري. أما في الرياض، فالنمو في السلع الفاخرة والدوائية يدفع DHL لتوسيع قدراتها في سلسلة التبريد.
تعمل DHL أيضاً على إطلاق منصات تتبع جديدة تقدم بيانات شحن فورية وتستخدم الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالتأخيرات أو تغيير المسارات.
الإمارات والسعودية في الصدارة
ليست مفاجأة أن تركز DHL على الإمارات والسعودية، حيث تستحوذان معاً على أكثر من 70% من نشاط الخدمات اللوجستية في الخليج.
-
في دبي، تستفيد DHL من البنية التحتية في مطار آل مكتوم والمناطق الحرة مثل جبل علي وEZDubai لدعم عمليات التصدير وإعادة التصدير.
-
في السعودية، تدفع رؤية 2030 نمو قطاعات مثل التجزئة والرعاية الصحية، ما يدفع DHL للاستثمار في المخازن المبردة، والأتمتة، وتحديث الأسطول.
بلغت مبيعات التجارة الإلكترونية في السعودية ما يقارب 12 مليار دولار في 2024، مع توقعات بنمو سنوي مركب بنسبة 8.7% حتى 2028، بحسب الأكاديمية السعودية للخدمات اللوجستية.
خارطة طريق لمستقبل الخدمات اللوجستية
لا تقوم DHL بمجرد التوسع، بل تصمم نموذجاً يُحتذى به عالمياً:
-
خطوط خدمات متكاملة: من الشحن الجوي إلى التوصيل الأخير، جميعها تعمل تحت استراتيجية إقليمية واحدة.
-
استدامة شاملة: سيارات كهربائية، منشآت تعمل بالطاقة الشمسية، وأدوات رقمية لإدارة الكربون.
-
تكامل حكومي: شراكات مع قطار الاتحاد واستحواذات مثل AJEX تعكس انسجام DHL مع الخطط الوطنية.
ولم تقف الشركات المنافسة مكتوفة الأيدي؛ فقد أطلقت FedEx مركزاً بقيمة 350 مليون دولار في دبي عام 2024 بتقنيات خضراء مماثلة.
سلاسل توريد أسرع وأكثر ذكاءً ومرونة
ما معنى ذلك للشركات في المنطقة؟
-
تسليم أسرع: تقليل أوقات الشحن داخل الخليج إلى يوم أو يومين فقط.
-
تكاليف وانبعاثات أقل: الشحن عبر السكك الحديدية كبديل للشحن البري الطويل.
-
وصول أوسع: عبر AJEX، تصل DHL الآن إلى مدن سعودية من الفئة الثانية والثالثة.
-
مرونة أفضل: مستودعات أقرب للعميل تعني تحكماً أفضل في المخزون وتلبية أسرع للطلبات.
أدوات DHL الرقمية توفر تتبعاً فورياً، تقديمات جمركية تلقائية، ورؤى تنبؤية لتحسين التخطيط—فائدة كبيرة للشركات الصغيرة والمصنعين والمصدرين العالميين.
كما أن DHL تتماشى مع أهداف الاستدامة، متعهدة بالوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول 2050، مع خطط لنشر أكثر من 300 مركبة كهربائية و50,000 متر مربع من منشآت الطاقة الشمسية.
خلاصة: توسعة DHL في الشرق الأوسط ليست مجرد رهان، بل نموذج عملي لمستقبل اللوجستيات، حيث تلتقي البنية التحتية بالابتكار، ويتكامل الحجم العالمي مع الشراكات المحلية.
الأسئلة الشائعة: